أحدث التدوينات


تحتفي مدينة برج بوعريريج هذه الأيام بالشاعر الشهيد عبد الكريم العقون (1918-1959م) أحد أبرز أدباء وشعراء جمعية العلماء المسلمين من بلدة برج الغدير ببرج بوعريريج.

وبهذه المناسبة وجدت مقال قيم نشره عبد الكريم العقون رحمه الله بتاريخ 17 ديسمبر 1954م ضمن العدد 297 بجريدة البصائر يؤرخ ويوثق فيه لتدشين مدرسة التهذيب بدشرة أولاد لعياضي ببرج الغدير، ويتضمن المقال معلومات مهمة حول هذه المدرسة التي ساهم فيها كل أعيان وساكنة أولاد لعياضي وحتى المغتربين بفرنسا، وكان المشرف على العملية كل من محمد بالي خبابة وعلي مروش (أحد أفراد عائلة المؤرخ القدير لمنور مروش).

وقد تم تدشين المدرسة من طرف وفد جمعية العلماء المسلمين يتضمن: نويوات موسى الأحمدي، الشيخ أحمد حسين، عبد اللطيف سلطاني، محمد بن السعيد طرش، عبد الكريم العقون.

 


يعتبر الكتاب سيرة ذاتية للمحامي والناشط السياسي عمار خبابه تناولت فيه الكاتبة الصحفية لزيارة اميرة الموضوع في جزئين : الجزء الأول تناول مرحلة الولادة والصبى بمدينة برج الغددير ولاية برج بوعرريج في خضم ثورة  التحرير فكان لزاما ذكر بعض الأحدث وواقع من الثورة التي درت وبقيت راسخة في ذهنه.

  ثم عرجت الكاتبة على معيشة ونشاط أهل القرية في تلك الحقبة وهجرة العائلة الى قرية غيلاسة وتعرضها للقصف والتدمير بعد معركة تافرنت ثم عودة العائلة الى القرية الأصلية بعد أن ضيعت كل ما كانت تحوزه  من متاع وأثاث على قلته

صدر كتاب للأستاذ عبد الحميد بن سالم وهو نائب سابق عن حركة حمس تحت عنوان: التطوير والاستدراك. وسيعرض في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر. قدمه   الشيخ سعود سالم أبو محفوظ من الأردن وهذا نص التقديم.

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبده ورسوله الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره الكافرون.

وبعد، فإنني أطاول منتهى ذرى الشرف بتقديم هذا الكتاب، وفق رغبة واجبة التنفيذ من فضيلة شيخنا واستاذنا سي عبد الحميد بن سالم والذي تهيكل كتابه في طبعته الأولى ضمن 192 صفحة، وأربعة فواصل فيها نحو  68   مقالة سوى المقدمة والخاتمة.

ولقد قرأته قراءة صبورة وطالعت فيه عشرات المواضيع والعناوين الماتعة التي  تعكس إحاطة متنوعة، وتقدم تطوافا واسعا، وإطلالة مدركة مع عمق في الالتزام ، وأصالة في الانتماء للحركة الاسلامية بوسطيتها واعتداها المعروف الموصوف ووطنيتها الصادقة والمخلصة.




فاجأني خبر وفاة صديقي وأخي اليزيد بن اصفية قبل أيام. وكما حزنت على رحيل أخ عزيز، وحمدت الله قضائه والله لا يقضي إلا بخير، وقد أراحه من عنت هاته الحياة، وبلائها وما أصابه منها، وأحسب أنه رجل نشأ على صلاح وتربية، أخذناها سويا من معين واحد، ثم ابتلاه الله بما لا تتحمله عزته ونفسه الزكية، وليس أكثر ما يبتلى به الرجل العاقل بمثل ماابتلي به.

 فنالت منه الأيام، وأعيته نظرات الذراري والعوام، لكنه كان متوازنا لا يجالس إلا أقرانه، ولا يتحدث إلا عن قضايا أمته وهو في ذلك الحال، وقد حباه الله بذاكرة قوية، وسرعة في التقاط أخبار الساحة الفكرية والثقافية وآخر التحليلات لسياسية، وكنت كلما التقيته إلا ويعترضني ويوقف سيارتي بعفويته، ويستقبلني مبتهجا، وكنت أسعد بلقائه،

نشأته: ولد المجاهد بلالطة عمار ابن السعيد ومروش نجمة بقرية أولاد مخلوف ببرج الغدير ولاية برج بوعريريج بتاريخ 26 أفريل 1933 وسط عائلة فقيرة ومحافظة تتكون من ستة أفراد (أربعة أبناء وبنتين). درس في الكتاتيب وتعلم القرآن الكريم علي يد الشيخ بلكعلول سي بن عزوز - رحمه الله - ثم دخل المدرسة الابتدائية الفرنسية ونظرا للظروف الصعبة التي كان يعيشها الشعب الجزائري أنداك، بسبب المستعمر الغاشم، لم يسعفه الحظ، كباقي أبناء جيله، في مزاولة دراسته فاضطر حينها إلى التوجه للحياة العملية رغم صغر سنه.


بعد المنطقة الغربية والشمالية الشرقية ننتقل بكم اليوم الى الجنوب الشرقي لولاية برج بوعريريج لمدينة نافست زمورة في الزخم الثقافي والعلمي الا وهي مدينة برج الغدير، فاذا نالت زمورة شهرتها بشكل كبير خلال العصر الحديث فان برج الغدير تواجدت في المصادر الجغرافية خلال العصر الوسيط بشكل معتبر انطلاقا من البكري واليعقوبي مرورا بياقوت الحموي وصولا للادريسي اين اجمعت هذه المصادر على عذوبة مياه برج الغدير فقد كانت المدينة بمثابة المزود والخزان الاساسي لاسواق الدولة الحمادية في القلعة بالخضر والفواكه لكن الغريب في الامر ما ذكره البكري في المسالك والممالك بان عدد ساكنة المدينة في ذلك الوقت يقدر بحوالي 60 الف نسمة اي اكثر من عدد سكانها حاليا

 


كم تضمّ الأرض من أخيار، وكم هو صعب نسيان من فارقونا، ولولا أن التناسي مفيد أحيانا لذاكرة الانسان... لبقينا طوال حياتنا في نكد وفي حداد.

عمار: ابن العمري شبشوب. رجل من طينة الكبار، لطيف خدوم، مبتكر، متواضع وكتوم.

كل من عرفه أحبه لتواضعه، مسالم، قليل الثرثرة ، محب للعمل، حسن المعشر، كريم، متأدب، عطوف...متخلق.

 من مواليد 1946 ببرج الغدير، درس الابتدائي فيها  وانتقل الى متوسطة بلعارف  يوم كانت ولاية برج بوعرريج لاتزال عذراء...ونهم منها علوم شتى ساعدته في تطوير مهاراته، سافر إلى سطيف أين درس بثانوية القيرواني العريقة واشتد فيها عظمه. أكمل تعليمه العالي بمعهد متعدد التقنيات بالحراش. 

 

لو لم تكن تعرفه لحسبته أوروبيا لشدة وسامته وجماله... شديد الحياء صادق الابتسامة عفيف النفس.

ذاك هو طارق بن حميميد  رحمه الله. ولد بتاريخ 07/01/1971   ببرج الغدير  ابن عبد الرحمان بن حميميد رحمه الله- وبن سالم فاطمة.

 درس مرحلته الابتدائية بمدرسة الشهيد بلبقرة الدراجي ببلدية غيلاسة.  كان يمتاز بالذكاء والفراسة منذ صغره، قوي الإحساس ، حسن المظهر. انتقل الى برج الغدير أين درس  بمتوسطة عبد الكريم العقون وأكمل دراسته الثانوية بثانوية سعيد زروقي بمدينة برج بوعريريج.

تحصل على شهادة الباكالوريا سنة 1990 تخصص إعلام آلي ..وظل طارق مجتهدا في دراسته بجامعة فرحات عباس التي قضى بها عامين حيث كان من الأوائل في الجامعة.


بتاريخ 03 ديسمبر 1964م نشرت جريدة المجاهد في عددها (243) تقريرا مفصلا عن واقع التعليم ببرج الغدير (ولاية برج بوعريريج)، وظاهرة تشييد المدارس من قبل الفلاحين البسطاء، وقد صدر التقرير بعنوان (تضحيات الفلاحين في الحرب ضد الأمية)، وقد تنقل مبعوث جريدة المجاهد إلى برج الغدير وأخذ صور وشهادات سكانها وتجربتهم الفريدة في تشييد المدارس وحبهم الشديد للتعليم وللغة العربية، وتضمن التقرير عديد المعطيات منها:

قبل أن أتحدث  عن الشهيد أحمد المطروش وعن إنجازاته التي حققها في الواقع؛  لابدّ من مقدّمة متواضعة - كأساسٍ لبنيان نتمناهُ، وتمهيدا لسيرة فحلٍ من الفحول، نقدمها كهدية رمزية لمن لا يعرفه من السادة القراء - حتى يأخذوا فكرة عن سيرة الشهيد، والمناخ الذي نشأ فيه، والمنطقة التي صقلت فيها شخصيته واشتدّ فيها عوده  بعيدا عن الغلوّ وبعيدا عن التعميم. لأن الحديث عن  أحمد المطروش،  هو حديث عن إرادة تكسرت أمامها قوة محتلّ غاشم وتهشمت... محتلّ جعل من الجزائر إحدى مقاطعاته لما بعد البحر - وبوابة لافريقيا - تلك القارة السمراء التي تعيش أوربا من خيراتها وكنوزها ومعادنها إلى اليوم...  بينما شعوبها يُقطعها الفقر والاحباط والحرمان- إلى درجة أن  شبابها يقطعون البحار بحثا عن لقمة العيش وعن مستقبل منشود.
وإن جَهِل الناس   إسم أحمد المطروش من قبل، فالعيب  لم يكن في أهله الموجوعين الذين افتقدوه وافتقدوا عددا من الشهداء خلال الثورة التحريرية ومنهم أخوه وأبناء عمومته من عائلة بن درميع، ولا في ابنه الوحيد ناصر الذي ولد في ظروف استثنائية في أولاد تبان... بل في إعلام مستلب فكريا  يُروّج  للتفاهات...  ولبطولات المواقع  الإقتراضية  فيما يتجاهل بطولات الواقع. والعيب في طلبة التاريخ الذين  لم ينقبوا عن سيرة ريح عاصف من أبناء المنطقة.  والعيب في أساتذة التاريخ  من أهل المنطقة الذين يدرّسون طلبتهم عن النملة في غابة الأمازون كيف تبتسم  وبطولات القردة... فيما يتجاهلون سيرة بطل  حقيقي يشهد له العدوّ قبل الصديق... والعيب في المؤرخين،  في منظمة المجاهدين وأبناء الشهداء  لأنهم لم يدوّنوا سير الرّجال وتراجمهم حتى تطالعها الأجيال، والعيب فيمن يتفاخرون بالشهادات من أهل المنطقة فيما لم يؤلف منهم أحد كتابا يعتد به، يؤرخ لمشاركة المنطقة في حرب التحرير أو فيلم يوثق تاريخا مهمشا - مع أن معارك الغدير طاحنة وضارية... دارات رحاها في الجبال  الشامخات الشاهقات.. والوديان، واستشهد المئات وأحرقت المحاصيل الزراعية والبيوت وألقي بعضهم في بئر وهم أحياء. 

إنه  الواقع  المطموس ...الذي نحاول أن نميط اللثام على جزء منه...ذاك الذي عايشه  أهل الغدير  بمشاعرهم وآهاتهم ودموعهم وحسراتهم وهم يفقدون أسدا بعد آخر...رواه لنا آباؤنا والدموع تسكب،  وأمهاتنا تقصه علينا قبل النوم...يوم أن كنا محرومين من الهاتف والتلفاز والكهرباء والمذياع . تاريخ:  سطرته الجبال والشعاب،  والسهول والتلال والحقول، والمخابئ والمراكز. سطرته الدّماء والأوجاع، سطره التعذيب الجسدي والنفسي، سطرته السجون والزنازين في قصر الطير، سطره الحرمان والظلم والقهر.

أحمد المطروش، ذاك الصنديد الذي تخافه الأفاعي ، تخافه الضباع ، وتخافة البغاث البشرية التي استأسدت في غياب الرجال، تخافه العقارب... يخافه العملاء والجواسيس...والوشاة...  

 كنت قد تحدثت مع ابنه ناصر منذ عدّة سنوات عبر الهاتف وأرسلت له مراسيل... وكان ذلك قصد أن أخصّ الشهيد البطل  برواية  تكون في مقام الرجل،  و بداية لفيلم أو مسلسل  يخلد  ليس إسم أحمد المطروش  وبطولاته فحسب بل إسم المنطقة التي عانت من ويلات الاحتلال عبر العصور ومن التهميش... ومع ما قدمته من تضحيات مختلفة... لم تنل  الغدير المكانة التي تستحقها...كيف لا وهي  تحمل آثارا وكنوزا رومانية تحتاج الى دراسة وتنقيب...وهي أقدم من ولايات ناشئة... وعلى ترابها درات معركة قرن الكبش ومعركة تا فرنت ومعارك أخرى...كبد فيها جيش التحرير دروسا لقوات الاحتلال.

أن يحبّك الناس لمالك أو جاهك وسلطانك أو لمصلحة...  فذاك شيء إعتاده الخلق خاصة في عصر المادّة والمصالح.  وأن يبتعد عن طريقك الانتهازيون   والأنذال ويلوون أعناقهم... ويتنكرون لمعروف أسديته لهم وقت الحاجة، أو خدمة قدمتها وهم في حال ضعف...وينسون على السريع فضلك، و كيف كنت تترك أشغالك وعائلتك وأنت تسعى لإرضائهم وخدمتهم  على حساب صحتك ووقتك وجيبك وراحتك... وقد كنت  وزيرا أو مديرا أو ضابطا  أو قاضيا  أو سفيرا أو رئيس مصلحة... فذاك شيء يعرفه المجرّبون...

أمّا أن يحبّك الناس لبطولتك وشجاعتك، وشهامتك وأنفتك ونبلك وإيثارك... ودفاعك عن المستضعفين  أمام إمبراطورية  عمياء مختلة...سفت البلدان سفا...رغم عوزك وفقرك وحرمانك... بل بسكين بوسعادي  وتظل الأجيال من بعدك تلهج بذكرك...وتجعل منك القدوة في الشجاعة والإقدام  و أنت تسقي الوطن بدمك لتحريره من الغزاة... وتسطر أروع الملاحم.  لاتهاب الصعاب ولاتعبأ بالمثبطات وتشق الجبال شقّا بإرادتك في الليالي الحالكات، وتجبر المحتل وأذياله لطأطأة الرؤوس ويجرون معهم الخيبة  والكآبة... فذاك شيء لا يقدر عليه أرباع الرجال.

هو إذًا أحمد المطروش بكلّ تواضع، الأسد الهصور، النسر الجارح، الفارس المغوار. ولد أحمد بن درميع المدعو المطروش سنة 1925 ميلادية حسب الحالة المدنية تزامنا مع بداية تحول عالمي لازالت تداعياته سارية الى اليوم، أحدثته الحرب العالمية الأولى  وأعقبتها اتفاقيات سايكس بيكو...وفيه بدأ يبزغ نور الحركة الوطنية التي قادها  الأمير خالد و جمعية العلماء وحزب الشعب فيما بعد...وكان من بين أعضاء جمعية العلماء  في المنطقة الشيخ محمد خبابه المدعو بالي  وأبناءه الشهيدين محمود وعبد الحميد، والمجاهد عبد الله بلكعلول وآخرين سنعود اليهم بالأسماء والتفاصيل  في موضوع منفصل من طلبة بن باديس ...والسيد رابح مروش الصديق الحميم لمحمد بوضياف...وشخصيات أخرى.

أبوه هو السيد  محمد بن درميع وهو من أصول عربية. نشأ أحمد بن دريميع المدعو المطروش كما نشأ أغلب أقرانه في عائلات بسيطة وفقيرة...يعيشون   من الفلاحة ويرعون المواشي ...وبدأ يكبر ومعه يكبر الأمل وتقوى العزيمة...إلى أن أصبح شابا. لم يدرس أحمد المطروش في المعاهد ولا في الجامعات، بل درس في جامعة الحياة...حيث الطبيعة والهواء النقي. كان يرى بعينه المجردة الأشياء على سريرتها... وكيف يستولي الكولون على أراضي المواطنين ومحاصيلهم  الزراعية وكيف يستخدمونهم وكيف يستعبدونهم ويحتقرونهم...فتولدت عنده روح الحمية والانتقام لابناء الشعب المقهورين.

 أحبّه أهل الغدير وغيلاسة وأولاد حناش وأولاد تبان  ورأس الوادي وعين ولمان وعين أزال، في برج بوعرريج وفي سطيف وحتى في المسيلة، وأين خاض معاركه ...أحبته البوادي، أحبته الجبال، أحبته الأعالي، أحبه  الشيوخ والأطفال، وفوق كل هذا أحب هوالجزائر... وفداها بروحه. أحبته البندقية، أحبته القشابية الملونة، أحبّه السكين البوسعادي ...أحبته العصا وهي تطرق رؤوس من عصى، أحبته المزّامنة والرخساس، أحبه اللبن الصافي...  والحبّ لا يأتي بالإكراه يا سادة !

 كيف لا يحبونه وهو الذي كسر خيشوم المحتل  في المناطق الوعرة التي كانت تقذفها الطائرات بالحمم والغازات، و تحرق الحقول وتدكّ البيوت؟   يحبونه بعملياته المباغتة التي  لم تنتبه لها رادارات المحتل، ولم يسمع بها   عسسه الذين كانوا يتبوّلون عند مروره. يحبونه لأنه دافع عن سيادة الوطن المهدورة باختصار، وأراد العزة للجزائر ولشعبها أو الشهادة..فنالها.

 أحمد المطروش: إذا سمعت صوته النساء تحجّبن لرهبته، وإذا سمع صوته الأطفال ناموا...فقد كانت النساء تخوفن به أطفالهن عندما يعصيهن. "أسكت لا يجيك أحمد المطروش". هو ذاك أحمد المطروش: إبن البادية.  والبادية عرين الرجولة والصمود، عرين الشهامة والكرامة... فيها صقلت شخصيته ومن هوائها تسرب خياله...ولد في قرية أولاد سيدي سعيد، تلك القرية التي أبت الاّ أن تكون في أعالي دائرة برج الغدير جنوبا،  وكانت ولاتزال  شامخة شموخ أحمد المطروش وأبطال المنطقة... تقابلها قرية الدشرة وجبالها  الشاهقات في الجهة الشرقية...وأعلاها القليعة التي انتصبت كحصن منيع يعبر عن رسو وجذورالغدير.

 وقد تميز أحمد  المطروش في خلقته عن باقي الخلق، ليس بسمرته ولا بطوله وعرضه ولا بشعره ووسامته... بل بعين  خضراء وأخرى سوداء...ويا لها من علامة فارقة...عندما تلتق في جسم رجل ليس ككلّ الرجال، وكأنها علامة تميز بين الجنة ذات اللون الأخضر  وجهنم  ذات السواد الداكن؟ 

لم يدخل جامعة سان سير الحربية في فرنسا التي درس فيها بعض الضباط  الذين رهنوا مصير الجزائر فيما بعد...ولم يشتر شهادة عليا كماهم أبناء بعض المسؤولين ... لكنه كان جامعة  متنقلة تحمل علوم شتّى. تبدأ بالارادة  والعزم  والتوكل على الله ، ثم التخطيط والاستراتيجية ... وتنته بالتجسيد على أرض الميدان، تجسيد يربك العدو ويفاجئه في عقر داره ويسرّ الصديق... فتجمع تجربته بين القول والفعل وبين الارادة والعزم  وتترك التاريخ لأهله يدونون مايشاؤون... وقد  اصطفاه الله أن يكون من القلة النادرة التي يساوي فيها رجلا  ألفا ...حيث واجه دولة بحجم فرنسا. تلك الامبراطورية التي كانت تحتل دولا وشعوبا وبحماية ومساعدة من الحلف الأطلسي...  ويحقق حلم الأجيال التي لطالما حلمت باستقلال الجزائر.

وكغالبية أبناء الغدير كان يرعى الأغنام ويعمل أحيانا في البناء أو في الفلاحة وتنقل من مقر سكناه الى العاصمة...ومن الغرابة أنه كان يركب القطار دون أن يقوم بتسديد تذكرة السفر وهي اشارة لعدم الاعتراف بالمحتل وبنظامه...وكان يصعد أحيانا فوق القطار ...في حركة فاقت المألوف.

لقبُ المطروش الذي لازمه في حياته وبعد استشهاده،  أطلق عليه وصفا لسلوكه الذي كان يتخذه كتمويه من جهة ... وليس لأنه كان معتوها أو مختلا عقليا... ومن جهة أخرى - كان رجلا مقداما  لايهاب الصعاب ومن كثرة تحديه  ومغامراته حمل ذلك اللقب ...و كان اللقب مساعدا له في الواقع. يختار حركات تدفع المحتل للإعتقاد  بأن أحمد مرفوع عنه القلم "مطروش"  في لباسه الرث المتسخ  وحركاته وسكناته وطريقة تحديه وإتقانه لفن التظاهر والتمثيل لابعاد الشبهة ...وفي لحظة الغفوة  يقوم أحمد بعمليته التي تقصم ظهر المحتل وتوجعه وتجعله في حالة ضياع وتيهان...وكم كان سيفا على الخونة والمتواطئين الذين أرادوا الذلة لشعب أراد العزة...

قبل أن ينضم الى جيش التحرير كان في الغالب من يريد الانضمام لابد عليه أن يقوم بعملية فدائية ويعول على سلاحه...لأن الجيش لم يكن جيشا نظاميا...ولم تكن هناك ثكنات كما هي الجيوش النظامية العصرية بل كان جيشا مقاتلا في ساحات الوغى...والولايات لها شبه استقلال ذاتي.اختار أحمد المطروش سرقة كميات من البارود الذي كان يستخدم للمتفجرات - وتكسير الصخور لتوسعة الطريق بين برج الغدير وأولاد حناش... وكذا بين الحضنة  والغدير ...ومن سوء حظه  قبض عليه بعد أن نجح في المرات الأولى بإخراج كميات من المتفجرات... وكاد أن يعدم لولا فضل الله الذي أنجاه. فحسب شهادات من عايشوه في المنطقة...كانت قوات الاحتلال تنوي إعدامه...في بلدية الغدير لكنه أفلت منها  بأعجوبة  بعد أن فر من المكان الذي كان محتجزا فيه ...ومن ثمة التحق مع أخيه وابن عمه  بإحدى الكتائب المحصنة في جبال أولاد تبان لقيادة الولاية الأولى  شهر جوان سنة  1956. وكان من جنده في صفوف جيش التحرير ابن عمه والمجاهد عمار دهان.

 بداية أعماله العسكرية كانت في برج الغدير، ومن ثم انتقل الى أولاد تبان وسطيف...كان يهوى العمل الفردي للإفلات من مراقبة العدوّ ولأنه صاحب مبادرة ويصعب عليه العمل الجماعي، ونظرا لتعقيدات أمنية وعسكرية وكذا  تضاريس الناحية...و من شدة تعطشه للحرية  والمغامرة كان... خارج عن القاعدة...حيث قام مسؤولوا الناحية بعد اقتناعهم بقيامه بعمليات نوعية لايقدر عليها الاّ الجن أحمد المطروش، أن يعطوه رخصة لم تعطى لأحد غيره...وهي أن يتنقل بحرية فكان  مستقلا...يبادر متى شاء وأينما شاء ووقتما شاء وهذا باتفاق مع المجموعة من خلال تقسيم الأدوار وكان مختصا في تصفية الخونة بسكينه البوسعادي.

كان أحمد المطروش  يتظاهر بأنه متسول تارة ومجنون تارة أخرى  في نواحي سطيف ووسط المدينة والأماكن التي يقوم فيها بالعمليات الفدائية... يرتدي أثوابا بالية  وبرنوسا ممزقا  ومتسخا  يحمل رائحة  ولعابه يسيل ...وحركات بهلوانية... بغية إبعاد عين المراقبة عليه وحتى يفتك بالعدو، ويحمل معه سكينه البوسعادي مع بعض القنابل اليدوية ورشاش.

من عملياته المسجلة والمنسوبة إليه: الاستيلاء على المتفجرات  بأولاد حناش. إلقاء قنبلة في حانة السيدة قرينة ببرج الغدير. تصفية مجموعة من الخونة في سطيف، رأس الوادي، أولاد تبان، عين أزال، عين الحجر، عين ولمان.الهجوم على مركز للخونة بأولاد خلوف. قتل مجموعة من الكولون، تهريب مجموعة من البقر والعجول والمواشي في عدد من الأماكن وتسليم جزء منها للمواطنين وكذا ذبحع البقية للمجاهدين في أولاد سيدي منصور وأود حناش وأولاد تبان . قيامه بعشر عمليات مهر لزوجته، تهريب زوجته وابنه من المعتقل في عملية فدائية، هروبه من سيارة جيب قبل محاولة إعدامه...هروبه من السجن، وعدد آخر من العمليات بالشهود والأسماء ...سنعود اليها بالتفاصيل في رواية خاصة تحمل إسمه   أتحدث  فيها عن تاريخ منطقة الغدير..ترقبوها خلال العام القادم بحول الله. نورالدين خبابه 07 جويلية 2020

الشهيد لخضر بشان بن محمد وبوختالة السعدية، ولد سنة 1930 بقرية تيويرة بلدية برج الغدير ولاية برج بوعريريج، وسط عائلة ميسورة الحال تعتمد في حياتها على الفلاحة التقليدية وتربية المواشي. ترعرع الشهيد وتربى في طفولته الأولى تحت كنف والديه، وشاءت الأقدار أن يختار الله والدته إلى جواره  وهو لم يبلغ سن الرشد، فوجد من جدته والدة أمه فاطمة بلعياضي الحضن الدافئ ، فقد كانت تتردد باستمرار على منزل العائلة لشدة تعلقها به. وباعتباره الإبن البكر، فقد تحمّل المسؤولية إلى جانب والده في الكثير من الأعمال الفلاحية ، والرعي كبقية أقرانه، في تلك المنطقة، نظرا لصعوبة الحياة وشظف العيش.

 بدأ تعلم الحروف الأولى، في كتاب القرية، بمسقط رأسه، وهو لم يتجاوز سنّ الخامسة، على يد الشيخ المسعود بلعقون، ومن بعده الشيخ البشير مسعودي، اللّذين حفظ على يديهما كتاب الله، كما أخذ على يدي الشيخ أحمد بن مخلوف دروسا في الفقه وعلم الفرائض، وحفظ متن ابن عاشر، وكتاب الأجرومية في قواعد اللغة العربية. استفاد قبل ذلك من الدروس التي كان يلقبها الشيخ العلامة موسى الأحمدي نويوات، رحمه الله ، باعتباره أول مرشد ومعلم وإمام للصلوات الخمس بمسجد القرية، والذي لفت انتباهه ذكاء الشهيد، وقدرته على الاستيعاب، وقابليته للتحصيل. 


أعود بكم اليوم إلى أحداث 1984 و حكاية كواليس الكرة مع ASBG و صداها الذي هزّ مجلس الحكومة آنذاك. في ربيع سنة 1983 التي التحقت فيها بكلية الصيدلة بجامعة الجزائر وواصلت اللعب رغم بعد المسافة لفريقي العزيز مع أحبتي الأعزاء... وُضِعت لائحة بأمانة الدراسة تعلن عن تنظيم مباريات في الكرة مابين الكليات قصد اختيار منتخب جامعي،  فسجلت نفسي مع بعض الزملاء و أجرينا خمس مباريات أسفرت على تعييني في طليعة حراس المرمى كما حدث ذلك سنتين قبلها في جامعة سطيف و شرفني رفقة أخي الحفناوي بوقرة لتمثيل الجامعة في الألعاب الوطنية بالعاصمة أحرزنا فيها كأس المرتبة الثالثة بامتياز.

هـو محمد بن أحمد بن مرّوش بن الشريف بن المبارك بن الشايب، انتقل جده الشايب من قرية سيدي حسن، في نهايات القرن 16 ميلادي إلى موضع قرية ( الدشرة )، فكان هو أول من سكنه قبل أن ينزح إليه كل من أولاد لعياضي  وأولاد منصور والشواثرة. وعائلة الشيح محمد الحالية هي الوحيدة المتبقاة من نسل الجد الشايب الحسناوي.

ولـد محمد شايب بقرية الدشرة في 03 جانفي 1918، كان وحيد أمه، وتوفي عنه والده سنة 1924 بعد أن أدخله كُتّاب (بوسباط)، فقرأ القرآن على يد محمد الشيخ كعلول، ثم على يد الشيخ الفضيل طرش بزاوية السعيد بن الأطرش إلى أن تمكن من حفظه سنة 1933، ثم باشر تعليم القرآن في القرية بكُتّاب أولاد منصور، ثم انتقل سنة 1935 لتعليم القرآن عند آل ابن سالم بقريتهم ( مزيطة ) حتى سنة 1952.

قبل أن أبدأ حديثي عن مجموعة أولاد عبد الواحد، أعرف أن هناك بعض المتفيقهين... ولذلك يجب أن يعلم من يقرأ كلامي أن ما أصفه واقع عايشناه وليس عقيدة نحملها...فيجب التفريق بين المسألتين...وما أقوم به يدخل في إطار التدوين للأحداث...لاسيما والكتابة في المنطقة تكون شبه نادرة.

لم أكن أعرف شيئا عن قبيلة أولاد عبد الواحد برأس الوادي، ولاية سطيف سابقا، ولاية برج بوعرريج حاليا.  كيف اختارت  تلك البقاع كموطن لها ... ؟ ولا عن أصولها ومعتقداتها وخلفياتها... ولا عن تشابه الأسماء للقبائل العربية التي سكنت قلعة بني حماد  وتحصنت فيها وامتد حراكها  إلى أم البواقي ...ومنهم من سكن فرجيوة ولاية ميلة. وأذكر:  أولاد تبان، أولاد حناش، أولاد مخلوف، أولاد سالم، أولاد سيليني...الخ. وكل ما أتذكره  وأنا طفل صغير عن أولاد عبد الواحد ... كنا نطير فرحًا  عند قدومهم إلى قرية الدشرة التي أنحدر منها ...

في بداية التسعينيات من القرن الماضي، كنت أشتغل في ثانوية الغدير قبل أن تحمل لقب مالك بن نبي. وكان خليل طرش أستاذ في الفرنسية يشتغل هناك، وهو رجل فاضل...وذو أخلاق رفيعة.كان لاعبا محترفا في كرة القدم... لمن لايعرفه.  توفيت والدته رحمها الله في تلك السنة ...ولمن لايعرف العائلة... هي مسلمة فرنسية الأصل ومن أخيار الناس في الغدير تربية وأخلاقا.
وحتى أضيف، كانت لها بنت معلمة تخرج بالحائك الى مدرسة طرش ..قبل ظهور الحجاب المنتشر اليوم...والمدرسة لا تبعد عنها كثيرا ...وكل أبناء الغدير الذين عاصروها يعرفون ذلك.

ماكنت لأتخلف عن زيارتك ومساعدتك بما أستطيع لو كنت في الجزائر. وماكنت أتخلف  عن مكالمتك! سمعت مؤخرا من طرف الأخ عابدين عقيدة الذي اتصلت به قصد تعزيته في وفاة عمه وعمته، وسألت بعدها أخي الأصغر مني سنا الذي زارك وتألم لوضعك...وأخبرني ابن خالتك صالح في مكالمة عن حالك الذي تدهور.

كنت ولاأزال أعتبرك أخي حتى لو لم تلدك أمي، لأننا تربينا في نفس البقعة الجغرافية وتقاسمنا في فترة البراءة...نبزة المطلوع، واللعب في الطويلة... واصطدنا مع بعض أنواعا من العصافير... وأنشأنا  مع بعض مرات ومرات القلتة في الواد...وكنا نتمتع بقفزاتك وسباحتك ... وتسابقنا  جريا وعلى الدواب...وتنافسنا في ألعاب كثيرة...

كان من بين شباب وكفاءات الغدير الذين تحمّسوا لفكرة اللقاء في هاته الفضاءات الجديدة...والتي جمعتنا على الأخوة والمحبة والتنقيب على كنوز المنطقة وتلك الأجواء التي تبعث الطمأنينة في النفوس وتزيدنا قربا، كيف لا - والغدير مسقط رأسه ومهد صباه وأساس مبناه؟ فيه درس مرحلته الابتدائية والثانوية...وفيه تعلم نحت الحروف، ومنه انتقل الى عالم الاعلام  والصحافة حيث حطّ الرحال في مبنى التلفزيون الرسمي بالجزائر العاصمة يوم أن كانت للكلمة مهرُُ يُدفع ...وانتقل الى الدوحة في قطر لمزيد من الاحترافية...حيث يزاول مهننه باقتدار.

هاهي مجلة الغدير تعود مُشرقة من على سفوح جبالنا التي حفت بنا و حمتنا منذ بداية حياتنا.كانت هذه الجبال و ستظل حدود بلدتنا الطبيعية، متوسلة إلينا بأن نجعل منها محط أنظارنا و ورشة أعمالنا.هكذا نشأنا بالغدير، فجعلنا منه ساحات لعبنا و مدارس علمنا، و ورشات عمل آبائنا، و حدائق غَرْسِنا و مرعى مواشينا. كان  وسيبقى لأهل الغدير أهل و أصهار من كل الأمصار، بل من كل دُوّار محيط ببلدة مضى تاريخها بمد البشر و جزرهم، متخذين منها ملاذًا حينا و مسترزقا  حينا آخر، من الرومان إلى الحمّاديين و من بني هلال إلى المعمرين . واليوم إذ ننعم باستقلالنا، هرعنا لبنائه و تشييده كباقي الوطن الغالي، مكرسين جهودنا لتنميته في كل المجالات.  فمن كان بالأمس يأتي من كل فج إلى الجامع الكبير بدشرة أولاد العياضي لتأدية صلاة جمعته و الوحيد آنذاك، أصبح له الاختيار لأكثر من ثلاثين مسجدًا.

أن تكون دارسًا للقرآن واللغة العربية خلال الاحتلال... فذاك اجتهاد منك وتحدّ، أمّا أن تكون فقيها ومفتيا وبيتك يضمّ مجاهدين... فذاك قمة التحدي! ذاك هو الشيخ محمد الطاهر خبابه،  أحد أحفاد الشيخ العياضي الذي تلقب الدشرة  باسمه..."أولاد العياضي" وتقع الدشرة على بعد 3 كلم   شرق دائرة برج الغدير ولاية سطيف سابقا، ولاية برج بوعرريج حاليا. وإذا انتقل الشيخ محمد الطاهر خبابه الى مدينة سطيف في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي  لظروف وطاب له فيها المقام، فإن مسكن جده أحمد لاتزال أسسه راسخة الى تاريخ اليوم ...فرغم قسوة الطبيعة في المنطقة وتبدل الأحوال الاّ أن بركة القرآن لاتزال تحفظ البيت من الزوال.

في قصيدة للشيخ عبد الحفيظ زواوي  يذكر الشاعر- الشيخ أحمد بن خبابه جد الشيخ محمد الطاهر فيقول :


قصة قصيدة الطيارة الصفراء: القصيدة التي أبكت الملايين لشاعرة ترثي شقيقها الشهيد

كلماتها بسيطة جدا لكنها مؤثرة. كل من ينشدها تغلبه دموعه. كان مدربو الكشافة الإسلامية يوقفون التدريبات رأفة بالأطفال. وكانت تعليماتهم: ابكوا في التدريبات لكن لا تبكوا أمام الجمهور الذي يشاهدكم. للحفاظ على قوة التأثير ونقل شحنة المشاعر إلى الجمهور.
صاحبة القصيدة امرأة كفيفة من برج الغدير بولاية برج بوعريريج. عائشة لعيايدة ( 17 ماي 1935 - 10ديسمبر 2010) في رثاء أخيها الشهيد إبراهيم لعيايدة من قرية سيدي منصور قرب جبل عياض. كانت الطائرة T6 تقوم بالاستطلاعات لكشف مواقع المجاهدين لتحديد الأهداف العسكرية. لكنها تتلقى مقاومة من المجاهدين لمنعها من إلحاق أضرار جسيمة بالثوار. عندما تتلقى طلقات من بنادق او رشاشات ترد بقذائف وشحنات من المتفجرات.

Author Name

Author Name

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.